«أزمة الرسوم الجمركية».. الشركات الأمريكية تستعد لتحديات اقتصادية غير مسبوقة
«أزمة الرسوم الجمركية».. الشركات الأمريكية تستعد لتحديات اقتصادية غير مسبوقة
ذكرت مجلة “الإيكونوميست” أنه في الأسابيع التي تلت فوز دونالد ترامب في الانتخابات، سعت العديد من الشركات الأمريكية إلى طمأنة المستثمرين حول قدرتها على التعامل مع جولة جديدة من الرسوم الجمركية.
وأضافت المجلة البريطانية في تقرير لها اليوم الخميس، أن العديد من الشركات اتخذت إجراءات للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى، والتي شملت رسومًا على واردات بقيمة 380 مليار دولار، معظمها من الصين، مثل تحويل سلاسل الإمداد بعيدًا عن الصين.
وأشارت إلى أنه، رغم هذه التحضيرات، أظهرت التوقعات أن التداعيات المرتقبة قد تكون أكثر شدة وتوسعًا مما تتوقعه الشركات الأمريكية، في 25 نوفمبر، أعلن ترامب عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشيال" عن عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا، وزيادة الرسوم على السلع القادمة من الصين بنسبة 10%.
وعلى الرغم من أن ترامب أشار في منشورات لاحقة إلى "لقاءات رائعة" مع زعماء المكسيك وكندا، ما أثار الشكوك حول تنفيذ تهديداته، فإن الشركات لم تجد في هذه التصريحات راحة تذكر.
الاقتصاد الأمريكي
وفقا لـ"الإيكونوميست" إذا ما تم تنفيذ هذه الرسوم، ستكون الآثار مدمرة على العديد من الشركات الأمريكية، على سبيل المثال تعمل شركات كبرى مثل ماتيل، منتجة دمى "باربي"، وويرلبول، المصنعة للأجهزة المنزلية، في المكسيك، وحسب تقديرات بنك سيتي جروب، فإن الرسوم المفروضة قد ترفع أسعار الصلب بالنسبة للمصنعين الأمريكيين بنسبة تتراوح بين 15% و20%.
وأضافت: كما أن العديد من الشركات الأخرى تعتمد على مصانع في المكسيك وكندا، مثل صناعة السيارات الأمريكية، على سبيل المثال، تستورد شركة جنرال موتورز أكثر من نصف شاحنات البيك أب التي تبيعها في الولايات المتحدة من المكسيك وكندا.
وتشير التقديرات إلى أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى تقليص أرباح جنرال موتورز بنسبة تصل إلى 80% في العام المقبل.
الخيارات المتاحة
تواجه الشركات الأمريكية ثلاث استراتيجيات رئيسية للتعامل مع الرسوم الجمركية تتمثل في:
تخزين البضائع
حيث قامت شركات مثل مايكروسوفت وديل وإتش بي بتخزين أكبر قدر ممكن من المكونات الإلكترونية قبل تولي الإدارة الجديدة في يناير، ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية تواجه بعض القيود، مثل احتمالية نفاد المخزون قبل رفع الرسوم، بالإضافة إلى أن تخزين المنتجات يتطلب مساحات تخزين كبيرة ويعني تكبُّد نفقات إضافية.
رفع الأسعار على العملاء
قد تتجه بعض الشركات، مثل ستانلي بلاك آند ديكر و(وولمارت)، لتمرير التكاليف على العملاء من خلال زيادة الأسعار، ولكن، مع تآكل المدخرات التي جمعتها الأسر الأمريكية خلال جائحة كورونا، وزيادة التضخم، بدأ يظهر تباطؤ في سوق العمل، كما أن معدلات تعثر المدفوعات على بطاقات الائتمان قد بلغت أعلى مستوياتها في عقد من الزمن.
إعادة هيكلة سلاسل الإمداد
لجأت العديد من الشركات إلى تقليل اعتمادها على الصين في سلاسل الإمداد، حيث انخفضت حصة الصين من الواردات الأمريكية من السلع المصنعة من 24% في 2018 إلى 15% في 2023.
ومع ذلك، فإن إيجاد مورّدين بديلين يتطلب وقتًا وجهدًا، ومن المحتمل أن تصبح عملية التوريد عبر الصين أكثر تعقيدًا في ظل السياسات الحمائية.
العودة للتصنيع المحلي
على الرغم من التحديات التي قد تطرأ جراء الرسوم الجمركية، فإن بعض الشركات بدأت في إعادة التصنيع داخل الولايات المتحدة، فقد ارتفع الإنفاق على بناء المصانع الأمريكية إلى 172 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، وهو ضعف ما كان عليه في الفترة نفسها من 2019، ورغم ذلك، يظل التصنيع المحلي خيارًا مكلفًا للعديد من الشركات.
تأثيرات أكبر مرتقبة
تشير الدراسات إلى أن الشركات الأمريكية التي تعرضت لرسوم ترامب الجمركية على الواردات الصينية في فترة ولايته الأولى شهدت انخفاضًا في أرباحها التشغيلية بنسبة 5.4% مقارنة بتلك التي لم تتأثر بالرسوم.
شركة ستانلي بلاك آند ديكر على سبيل المثال، قدّر رئيسها المالي أن الرسوم السابقة كلفتها نحو 300 مليون دولار سنويًا في البداية، ولا تزال تتسبب في خسائر تقدر بـ100 مليون دولار سنويًا.
في حال تنفيذ تهديدات ترامب بفرض رسوم جديدة، قد تجد الشركات الأمريكية نفسها أمام تداعيات اقتصادية أكبر مما كانت عليه في الجولات السابقة، ويتعين على الشركات والمستثمرين متابعة السياسات الاقتصادية القادمة عن كثب، حيث إن التحديات الاقتصادية المرتبطة برسوم الجمركية قد تؤثر بشكل كبير على قطاع الأعمال الأمريكي.